د/عبدالله الرشيد شفاه الله قائلا :
سأكتب عدة تغريدات عن بعض تجربتي مع المرض، وبخاصة التنويم الأخير والعزل الصحي:
١- في الرخاء نتحدث عن بعض القيم كالصبر والاحتساب، وذلك سهل، ولكنها في أيام البلاء تصبح أعزَّ على النفس من الغراب الأبيض، والكبريت الأحمر.
٢- في غرفة العزل كان كل شيء مهيأ،تلفاز،خزانة ملابس،حمام نظيف،ملابس جديدة كلَّ يوم مع رعاية مستمرة, ولكن كان ينقصها المهمان: العافية و الحرية.
٣-كنت سجينا،شعرت بمعاناة السجناء،وأدركت سذاجتي إذ ظننت السجين قادرابسهولة على التأقلم مع وضعه،ما أعظم المناضلين الذين قضوا أعماراخلف القضبان.
٤ - كل شيء كان رتيبا: أصوات الممرضات، تجديد المغذيات، فحص الضغط والحرارة...
الرتابة أكبر ما يخلق الملل، فجددوا حياتكم.
٥- للتغلب على الوحدة والعزلة كنت أطيل الوقت، فما كان يستغرق خمس دقائق أجعله في ربع ساعة، ولكني أخفقت في صراعي مع الزمن، خرجت مثخنًا بالملل.
٦-كونوا مع السجناء بدعائكم، إن عزلتهم -أكانت بحق أم بغير حق- قاتلة، الوحدة تثير الوساوس، وتفتح نوافذ للكآبة، وقد تورث أمراضا نفسية وعضوية.
٧- فتوى فلبينية: في عزلتي المرضية وبعد زراعة النخاع حذرتني الممرضة من بعض الحركات التي قد تؤذيني، وأفتت لي بجواز الصلاة على السرير.
٨- بياض أغلب الأشياء في المستشفى لم يذكّرني الكفن -كما يقول أمل دنقل- بل ذكّرني النقاط السود في حياتي وحرّضني على محوها.
٩- في غرفة العزْل الصحي وجدتُ مجالا للتأمل واسعا، لا يصلني سوى صوت المؤذن، ونداءات الممرضات، كلٌّ منا يحتاج إلى ساعات من العزلة، جرّبوا.
١٠-اضطررت في أثناء مراجعاتي للمستشفى إلى أن أكون راكبا لا سائقا، فوجدت لذة في النظر والفرجة وقلّةالتوتر. نصيحتي للنساء: لا تحرصن على القيادة.
١١- كان المرض فرصة لتقليب أوراقي القديمة، مزقت بعضها، وجددت بعضها، وفتحت صفحات جديدة وما زلت أكتب فيها.
١٢- (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى) جملة حفظتها صغيرا وأدركت عمق معناها كبيرا. هل نحتاج إلى قسوة التجارب لندرك الحقائق؟
١٣- بعد زراعة النخاع وجرعة الكيماوي مكثت ستة عشر يوما بلا أكل، فاقدا للشهية، وكنت أتجرع الماء كارها. إن ثمن العافية غالٍ، فمن ينبّه الأصحاء؟
١٤- بعض الأمراض مجهولة الأسباب كمرضي، ولكنّ كثيرا منها معروفة أسبابه، واللبيب من استعان بالله وتجنب أسباب المرض، وبادر إلى المحافظة على صحته.
١٥- المرض الذي أصبت به هو نوع من (سرطان الدم)، وقد مكثت ٨ أشهر قبل أن يُشخّص تشخيصا دقيقا، كاد يضيّعني عدد من المتاجرين بالطب وقليلي الذمم!!
١٦- المرض نعمة في بعض جوانبه، فقد زاد تعلقي بالله، والتمّ حولي عدد من المحبين، وزارني من لم أره منذ زمن، وعاد إلى نفسي بعض صفائها،فالحمد
لله.
وصيتي لكم : ( اقرؤها بتمعن ) لنستشعر كم نحن نتقلب في نعم فيارب ادمها علينا
دراستك الثانوية والجامعية وتخصصاتك كلها ستغدو هباءً من أول ليلة في قبرك !!
ويبقى تلقين الصف الأول ابتدائي :
من ربك ، مادينك ، من نبيك !!