من يعرف ريم، الطالبة في المرحلة الثانوية، فإنه سيصعب عليه تصديق التغير الكبير الذي طرأ على شخصيتها واهتماماتها.
هذا حديث لريم :
الآن، وبعد الأحداث التي مرت بها غزة، أجدها فرصة لأعبر عن الوفاء والامتنان لأرض فلسطين، تلك الأرض الطاهرة، التي كان لها دور كبير في حياتي..
فقد كنت من قبل مجرد فتاة عادية بسيطة لم تكن تتجاوز أحاديثها اليومية [ مالذي سيعرض في التلفزيون هذا اليوم ؟ ] و [ ما هو جديد السينما لهذا الأسبوع ؟ ] !
دراستي، انحصر اهتمامي بها بالحد الذي يبقيني في فئة الامتياز، ولو على حافتها!
ومن أمور الدين، لم أكن أهتم بأكثر من صلوات، متأخرة عن وقتها في الغالب.. :/
كانت أمي دائماً تدعو لي بالهداية، وأنا أتعجب من سبب دعائها، فلم أكن أشعر بأني أرتكب أي خطأ! فأنا على كل حال لازلت أصلى!!!
وبعد قصة استشهاد محمد الدرة، وانتفاضة فلسطين، شعرت بأن هناك شيء في العالم أكبر من مجرد متابعة برامج التلفزيون ومسلسلاته. و الأكثر مفاجأة من ذلك عندما شعرت بأن أسلوب حياتي الحالي، ما هو إلا تحقيق لأهداف إعلام يوجه جهوده لتضليل وتغييب النموذج الإسلامي الحقيقي في الحياة، واستبداله بنموذج قبيح يتستر بلباس الحرية والسعادة ليغرر بغافل عن السعادة الحقيقة التي هي أقرب ما تكون إليه!
استحوذت الفكرة علي، أصبحت أنام وأصحو وعقلي لا يفكر إلا بالشأن الفلسطيني، وحتى أحلامي كانت تدور في الفلك ذاته، وأذكر أن أحد هذه الأحلام والذي كان أشدها تأثيراً علي تضمن مشاركتي ضد اليهود. وهنا كانت الصفعة القوية لي، مالذي قدمته يا ريم للقضية الفلسطينية؟ بل لمن حولك؟ بل لنفسك على أقل تقدير؟
الإجابة، كانت صمتاً حائراً، ولكنه صمت يئس من الجدران التي تفصله عن مجابهة الحقيقة، لذا قرر أن يتمرد ويصل لجواب يرضي ضميراً قد أرقت مضجعه أحوال العالم الإسلامي في ذلك الوقت.
اتخذت قراري وأنا في طريق عودتي للمنزل، ولم أتوانى في التنفيذ، وبمجرد وصولي هرعت إلى غرفتي لأتلف كل ما له علاقة بماضٍ أريده أن يرحل وإلى الأبد. وبدأت مرحلة جديدة فاصلة في حياتي..
بدأت هذه الرحلة بالدعاء، كان جل دعائي هو [ يا رب استخدمني لخدمة دينك وأمتك ]. وبدأت أقرأ أكثر عن اليهود، والقضية الفلسطينية، لا أخفيكم أنني شعرت بالعجز عن فعل شيء من أجلهم، فاكتفيت بالدعاء والمقاطعة وعزم على أن أغدو فتاة إيجابية أكثر..
انتفاضة فلسطين أيقظتني، زادت قربي من أمتي، من عائلتي، من صديقاتي، وحتى نفسي، والتي أصبحت أتعهدها بالتطوير والتنمية من خلال متابعة برامج الأستاذ جاسم المطوع، و د. إبراهيم الفقي و د. طارق السويدان وغيرهم. وأجمل من هذا كله، أنها زادت من قربي من ربي، الذي أيقنت أن القرب الحقيقي منه يعني حلاً لكل مشاكل أمتنا الجريحة، فبدأت رحلتي مع حفظ كتاب الله، تلك الرحلة الممتعة التي خرجت منها بأعظم الدروس وأروع الفوائد، ومن ثم بدأت رحلة أخرى مع سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، ليكتمل النظم، وتتبلور لدي رؤية إسلامية واضحة المعالم، والفضل في ذلك يعود لله تعالى أولاً، ومن ثم لشعب فلسطين الصامد، الذي سطر ولا يزال يسطر بصموده أروع الملاحم لشعب مسلم يقف في مواجهة العدو بكل قوة وإيمان..
لله دركم أهل فلسطين، كم أيقظتم من غافلين!